أبو ثائر يعيد للتراب أنفاسه في نحالين

أبو ثائر يعيد للتراب أنفاسه في نحالين

21 نوفمبر، 2016 - 10:11am

شبكة أجيال الإذاعية ARN_ أصبح بمقدور المزارع "أبو ثائر" إيصال أكياس السماد الطبيعي والحيواني لأرضه مداعبا بيديه حبّات التراب تحت أشجار الزيتونفي أرضه التي افتقدها كثيرا، وذلك إثر تمكن اتحاد لجان العمل الزراعي ضمن مشروع " جذور " الممول من الاتحاد الأوروبيمن شق طريق زراعي في أراضي قرية نحالين إلى الجنوب الغربي من بيت لحم.

ارض المزارع أبو ثائر كما العشرات من أهالي القرية تقع بمحاذاة مستوطنات الاحتلال الإسرائيلي، وهي أراض يهددها سرطان الاستيطان في المناطق المصنفة "ج"، وبالتالي فان المزارعين يحتاجون لتعزيز صمودهم، وتمكينهم للعمل في أراضيهم حتى لا يبتلعها التوسع الاستيطاني.

يوّزع مشروع "جذور" على 22 منطقة فلسطينية في الضفة الغربية ضمن أراضي "ج"، بميزانية 4 ملايين يورو وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، وينفذ على مدار عامين من قبل اتحاد لجان العمل الزراعي وشركائه مؤسسة بيسان والهيدرولوجيين ومركز أبحاثالأراضي ، وذلك بهدف تعزيز صمود المواطنين في أراضيهم.

ويستهدف المشروع استصلاح الأراضي وبناء المحميات الرعوية، إضافة إلى تمكين المزارع من الوصول لأرضه بسهولة من خلال شق الطرق الزراعية، وبناء القدرات لدى المزارعين لتطوير محاصيلهم الزراعية.

في قرية نحالين، يستفيد من المشروع بشكل مباشر 650 مواطنا، فيما تعم المصلحة أهالي القرية كافة، وبحسب مديرة مشروع جذور جرس عودة، عمل المشروع على استصلاح 75دونماً من الأراضي الزراعية في قرية نحالين، بالإضافة إلى إنشاء 13بئراً زراعياً.

يعقب أبو ثائر قائلا "كنت احمل المحصول على ظهري لأكثر من 2 كيلو متر،أما الان أضع كيس المحصول مباشرة في سيارتي ويقول : أن الأرض بدون طريق زراعي لا تساوى شيئاً، موضحاً أن سبل التطوير وتعزيز إنتاج المحاصيل الزراعية يكون ضئيلاً، دون وصول الآلات الزراعية كالجرار وأدوات الحصاد الحديثة، كما أن موسم قطاف الزيتون وخصوصا في المناطق "ج" يحتاج إلى وصول المركبات لتحميل كميات الزيتون، لاسيما وأن المنطقة تشهد احتمالية لوقوع اعتداءات من المستوطنين.

ويضيف: "في ارضي القريبة من شيك مستوطنة "بيتار عيليت" ذهبت إلى قطف الزيتون هناك، بطريقة التهريب حتى لا يراني أحد المستوطنين، أو دوريات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتمكنت من قطف بعض المحصول بصعوبة، فقبلها بأيام تعرضت للطرد من أرضي على يد المستوطنين، على الرغم من تواجد جنود الاحتلال".

زيادة فرص تطوير الأرض والمحصول

المهندس الزراعي صافي من القرية نحالين حيث يعمل في أرضه المهددة بالمصادرة، والتي تقع بمحاذاة ارض المزارع "أبو ثائر"، قال ان مساحة الأراضي الزراعية في قرية نحالين بشكل عام، تساوي حوالي 4 آلاف دونم زراعي، تحتوي على المحاصيل الأساسية من الزيتون والعنب واللوزيات والتين، كما تحتوي هذه المساحة على 4 عيون مياه، لكنّ معظمها غير صالح للاستخدام بسبب تصريف مياه الصرف الصحي الخاصة بالمستوطنات في داخل هذه العيون.

وأشار إلى أنه ورغم صدور قرار من محكمة الاحتلال الإسرائيلي، يلزم المستوطنات بعدم تصريف مياهها العادمة إلى عيون المياه، إلا أن المستوطنين لا ينصاعون للقرارات القضائية، ويستمرون في انتهاكاتهم.

يعمل المهندس صافي على استصلاح وتطوير أرض عائلته التي تبلغ حوالي 70 دونماً، ويعمل على تطوير محصول وإنتاج أشجار الزيتون، ففرصة التطوير كما يرى أصبحت ممكنة بشكل كبير بعد شق الطريق الزراعي "الذي وصلنا من خلاله إلى المنطقة".

وعدا الاستصلاح والتطوير، أضاف المهندس أن تكريس الوجود وتسهيل الوصول إلى الأراضي، يجعل منها متنفساً سياحياً لأهالي القرية، فالمنطقة تحظى بجمال طبيعي وافر، وبالتالي فإن المنتفعين من مشروع "جذور" حسب هذه المعادلة، هم أهل القرية جميعاً.

ويقول المهندس صافي: "مع بداية العمل في مشروع جذور، وشق الطرق الزراعية التي سهلت وصول المزارعين، بدأ أهالي القرية يهتمون في أراضيهم بشكل اكبر، حيث إن ذلك يزيد من فرصة تطوير وتنمية المساحات المتبقية، ما يساهم في حمايتها من الاستيطان"، مشيراً إلى أن فلسفة استيلاء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي من خلال المستوطنين، تبدأ في الأراضي المحاذية للمستوطنات، وبالتالي فان تمكين المزارعين في أراضيهم واستصلاحها يحد من تفكير المستوطنين في السيطرة عليها.

يقف المزارعون في أراضيهم هذه الأيام، ويمارسون نشاطاتهم بسهولة خصوصاً في موسم قطف الزيتون، وذلك بعد أن تم شق الطريق الزراعي على طول 7كيلومترات خلال عام 2015 من خلال مشروع "جذور"، الذي يستمر خلال العام الجاري ويفتح طرقاً أخرى على امتداد 8 كيلومترات.

وخلال هذا الموسم، الذي يعتبر أحد أهم موارد الاقتصاد الفلسطيني، نظم الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع لجان العمل الزراعي، ومركز أبحاث الأراضي، فعالية قطف الزيتون التي شارك فيها فيها عشرات المتطوعين من مختلف دول العالم.

الفعالية تعمّق الانتماء

ويقدّر المزارع "أبو ثائر" عالياً جهود المشاركين في فعالية قطاف الزيتون، ويقول: "تواجدهم معنا يحمينا من هجمات المستوطنين واعتداءاتهم، كما أن جلب المعدات يسهل عملية القطاف كالسلالم الخشبية والأغطية التي توضع تحت شجرة الزيتون، ومساعدتهم اليوم تمكنني أن انهي العمل في قطعة زراعية كاملة، احتاج إلى أسبوع بدونهم لاتجار العمل فيها".

وبحسب ما يرى فان الفعالية تعزز الانتماء للأرض لعشرات طلبة الجامعات من الشباب والشابات، كما تزيد من ولائهم لوطنهم.

وشارك المتطوعون أهالي القرية وجبة الغداء، التي عملت على طهيها نساء من القرية تمثلت في الأكلة الشعبية "المقلوبة"، ليعكس ذلك أجواء ايجابية وقرب وتحابب بين المشاركين في الفعالية والمزارعين. يشار الى أن بعض المتطوعين واصلوا تواجدهم في القرية حتى بعد انتهاء الفعالية، من أجل الاستمرار في التضامن مع المزارعين في ايامٍ لاحقة.

الاحتلال صادر 17 ألف دونمٍ من أراضي نحالين

تبلغ مساحة قرية نحالين التاريخية حوالي 24 ألف دونم، تم احتلال 7 آلاف منها خلال النكبة عام 1948، إضافة إلى مصادرة الاحتلال 5 آلاف دونم، حتى وصلت مساحة القرية حالياً 7 آلاف دونم، بعد عمليات الاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري خلال الانتفاضة الثانية.

ويقع المخطط الهيكلي للقرية في ألف دونمٍ فقط، ومعنى ذلك أن المواطنين يمكنهم البناء على هذه المساحة دون أن يتعرضوا لإخطارات هدم من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي توجهها بحجة البناء دون ترخيص في مناطق "ج"، كذلك يمكن القول أن ساكني نحالين وعددهم 10 آلاف نسمة، تقع حصة الفرد فيهم من 1000 دونم، واقع 100 متر فقط.

يدعم الاتحاد الأوروبي الوجود الفلسطيني في المناطق "ج"؛ لأنها مناطق مهمة للاقتصاد الفلسطيني، تلك المناطق حسب اتفاقية أوسلو هي جزء أصيل من الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

وأعرب سفير الاتحاد الأوروبي في فلسطين رالف طراف عن سعادته بالمشاركة في فعالية قطاف ثمار الزيتون في قرية نحالين، مشيراً الى أن التضامن يعزز صمود ووجود المزارعين الفلسطينيين، تحديداً في المناطق التي تتعرض لتعديات المستوطنين والمستوطنات المحيطة بها.