جامعة بيرزيت تغزو التصنيفات.. و تخطو بثبات نحو العالمية

جامعة بيرزيت تغزو التصنيفات.. و تخطو بثبات نحو العالمية

30 ديسمبر، 2018 - 06:12am

خلال العام الأخير تردد كثيرا ذكر اسم جامعة بيرزيت في تصنيفات عالمية، وهو تكرار اثار اسئلة كثيرة، فماذا يعني ذلك؟ وما هي هذه التصنيفات ؟ وما مدى مصداقيتها؟ وماذا تفيد الطالب ؟ وكيف تؤثر على مستقبله؟ ولماذا تردد اسم جامعة بيرزيت أكثر من غيرها ؟ وهل فهلا هذه الجامعة الصغيرة الواقعة في شمال شرق رام الله تنافس جامعات عربية مثل الجامعة الأمريكية في بيروت ؟ وجامعة عين شمس في القاهرة؟

في البداية لا بد من التطرق إلى هذا التطور الهائل في عالم البرمجيات وانتشار أدوات القياس والتطبيقات الحديثة، والذي أدى إلى انتشار أوسع للتصنيفات على المستوى العالمي، ولذلك صرنا نسمع عنها بشكل أكبر من ذي قبل.

وفي الوقت ذاته لا بد من التذكير بأن هذه التصنيفات تعتمد على مجموعة من المعايير لكي تمايز على أساسها بين الجامعات المختلفة، وتختلف المعايير من تصنيف لآخر، لكنها في مجملها تشترك في بعض البنود مثل المنشورات العلمية، والسمعة الأكاديمية، وسمعة خريجي الجامعة بين أرباب العمل.

على المستوى العالمي هناك العديد من التصنيفات التي تحظى بثقة عالية سواء من الجامعات نفسها أو من مؤسسات التعليم أو من وسائل الإعلام، مثل "شنغهاي، "تايمز للتعليم العالي"، "ويبومتركس"، "QS"، وكل منها يستند إلى مجموعة مؤشرات تفاضل بين الجامعات المتنافسة.

ويعد تصنيف QS أحد أهم التصنيفات العالمية وهو يقسم إلى فئتين، واحدة تفاضل بين الجامعات على مستوى مناطق جغرافية محددة، والثانية بين الجامعات التي يشملها التصنيف على مستوى العالم ككل، وحتى تتمكن أي جامعة من دخول هذا التصنيف لا بد أن تنطبق عليها عدة شروط ومعايير خاصة.

وفي خضم المنافسة العالمية في بحر التصنيفات هذا، دخلت جامعة بيرزيت قبل أربع سنوات تصنيف " QS" "بنسختيه العربية والعالمية، وفي الحالتين جاءت في المرتبة الاولى محليا، وتحرك موقعها من المرتبة 50 إلى المرتبة 38 على مستوى المنطقة العربية خلال تلك السنوات، والأهم أنها ولأول مرة على صعيد الجامعات الفلسطينية دخلت التصنيف على المستوى العالمي، ونافست أكثر من 26 ألف جامعة عالمية لتحتل مركزا ضمن أفضل ألف جامعة في العالم.

ببساطة شديدة إذا، يعد دخول جامعة فلسطينية لأول مرة ضمن الفئة العالمية لهذا التصنيف، انجازا هاما، لكل الجامعات الفلسطينية، فليس من السهل أبدا أن تنافس هذه الجامعة الواقعة في فلسطين المحتلة، والتي تتعرض لحصار أكاديمي مثل بقية شقيقاتها المحلية، جامعات عالمية مثل اوكسفورد البريطانية، وستاندفورد الأمريكية، وسنغافورة الوطنية، وغيرها من الجامعات العالمية الشهيرة. (يمكن الوصول إلى ترتيب الجامعات من خلال هذا الرابط https://goo.gl/fWh76c)

وفي السياق ذاته لا بد من التذكير بأن جامعة بيرزيت موجودة وبقوة على لائحة التصنيف ضمن الفئة العالمية، ويأتي موقعها في المرتبة 801-1000 على المستوى الدولي. ويعد هذا مؤشرا ممتازا ومشجعا ومطمئنا، بأن جامعاتنا الفلسطينية ورغم صعوبة الحال، وفي ظل ازمات سياسية واقتصادية تعصف ببلادنا، ما زالت صامدة وقادرة على المنافسة والتواجد بقوة في هذا العالم.

وبالنظر إلى المعايير التي يضعها QS للمفاضلة بين الجامعات المتنافسة. فإن 40 % من العلامة تستند إلى سمعة الجامعة بين الأكاديميين، و10% لسمعة الجامعة بين أرباب العمل، و20% لمتوسط عدد الاقتباسات لعضو الهيئة الأكاديمية، و%20 لنسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلاب، و5% لعدد الطلبة الأجانب، و 5% لعدد الأساتذة الأجانب.

ومن الجدير بالذكر أن جامعة بيرزيت حازت على أعلى علامة في معياري السمعة الأكاديمية، وسمعتها بين أرباب العمل، وكانت العلامات متدنية في بندي الاساتذة والطلبة الأجانب، ولا شك أن السبب هو عدم منح الاحتلال الاسرائيلي التأشيرات للاساتذة أو الطلبة الأجانب للقدوم إلى فلسطين عموما، بل على العكس قام الاحتلال مؤخرا بإلغاء تأشيرات 7 اساتذة أجانب كانوا يعملون في الجامعة لسنوات طوال.

ورغم حصولها على مرتبة متقدمة في تصنيف QS ما زالت الجامعة تسعى لتطوير قدرتها أكثر للمشاركة في بقية التصنيفات العالمية، مثل "شنغهاي الدولي"، و"تايمز العالمي"، وهو أمر يتطلب العمل أكثر على المستوى الأكاديمي، وتحديدا في نشر الأبحاث العلمية، وقد انشأت الجامعة منصة جديدة لنشر الابحاث أطلقت عليها اسم "فضا"، كما تسعى للتواجد بقوة أكبر في مجال البحث العلمي عبر تشجيع طلبتها وأساتذتها على نشر الأبحاث على المنصات الدولية.

وكذلك فقد شارفت الجامعة على الانتهاء من بناء مدينة تكنولوجية ومختبر تكنولوجي هو الأكبر في فلسطين، سيتم افتتاحه مطلع العام القادم، وكل هذا يتزامن مع افتتاح كليتين جديدتين خلال العامين الأخيرين رفع عدد كلياتها إلى 9 تقدم أكثر من 111 برنامجا في البكالوريوس، والماجستير والدكتوراة. كما تضع الجامعة حاليا اللمسات الأخيرة لإطلاق كلية طب جديدة، تقدم تخصصات جديدة لا توفرها الجامعات المنافسة.

وإلى جانب كل ما ذكر فقد حصلت الجامعة على المرتبة الأولى محليا لعامين متتاليين في تصنيف ويبومتركس الذي يقيس الحضور على شبكة الانترنت، والإنتاج العلمي لأكاديمييها، كما حصلت على المرتبة الأولى على مستوى الجامعات الفلسطينية وفي المرتبة الـ305 على مستوى العالم في تصنيف UI Green MetriC العالمي، الذي يقوم بتصنيف الجامعات بناء على مدى اهتمامها بالقضايا التي تتعلق في التنمية المجتمعية والاستدامة البيئية، والممارسات الصديقة للبيئة.

كما ولا بد من الإشارة إلى أن المنافسة بين الجامعات اليوم محليا وعربيا وعالميا أصبحت أكثر شراسة. وفي ظل ثورة الاتصالات صار الكل يروج ويتسابق لإبراز جامعته، وهو حق مشروع للجميع. لكن المفاضلة في النهاية تحتكم إلى المعايير العالمية والدولية التي تميز هذه الجامعة عن تلك.

وبالنظر إلى النتائج التي حققتها جامعة بيرزيت فإن اسم فلسطين كان حاضرا في تصنيف QS العالمي، وكان بين أول 38 جامعة عربية، شملت جامعات عريقة مثل الجامعة الأمريكية في بيروت، وجامعة الملك فهد في السعودية، وجامعة الإمارات العربية المتحدة، وجامعة عين شمس في مصر وغيرها. ( يمكن الاطلاع على تصنيفات الجامعات العربية عبر الرابط التالي https://goo.gl/d1Keba).

وفي الختام تجدر الاشارة إلى إن جامعة بيرزيت تسعى دوما للتطور لكي تبقى اسما لامعا بين الجامعات على مستوى العالم، كما أنها تركز وبقوة على بناء شخصية الطالب بشكل مستقل، وذلك من خلال مساحة واسعة للحريات والعمل النقابي للطلبة داخل الجامعة، ومن خلال اشاعة ثقافة الانفتاح، وقبول الآخر، واحترام التعددية والحريات، واتاحة المساحة أمام الطلبة الى العمل دوما من اجل خدمة هذا الوطن وأهداف شعبه، في إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس.

أمجد سمحان